ذكروا عن المنصور أن رجلاً جاءه ,
فأخبره انه خرج في تجاره فكسب مالاً ,
واعطاه إلى امرأته ، ثم طلبه منها فذكرت أنه سرق من البيت ولم يرى اثراً
ولا علامة على صحة كلامها ..
فقال المنصور : منذ كم تزوجتها؟
قال:منذ سنه
قال:بكراً . او ثيباً !
قال:ثيبا.
قال:ألها ولد من غيرك؟
قال:لا
فدعا له المنصور بقارورة طيب كان حاد الرائحه وغريب النوع..!
فدفعها اليه وقال له :
تطيب من هذا الطيب فإنه يذهب غمك ..
فلما خرج الرجل من عنده قال المنصور لأربعه من ثقاته:
ليقعد على كل باب من ابواب المدينه واحد منكم , فمن شمّ منكم رائحة هذا
الطيب من احد فليأت به ..
وخرج الرجل بالطيب فدفعه إلى امرأته ، فلما شمته بعثت منه الى رجل كانت
تحبه ، وقد كانت دفعت اليه المال ، فتطيب من العطر ، ومر مُجتازاً ببعض
أبواب المدينه ،فشّم المُوكل بالباب رائحته عليه.فإتى به لـ المنصور
فسأله : من أين لك هذا الطيب ؟
فلجلج في كلامه ، فدفعه إلى والي الشرطه ،
فقال: إن احضر لك كذا وكذا من المال فخل عنه وإلا اضربه الف سوط .. !
فلما جردوه للضرب احضر المال على هيأته ..
فدعا منصور صاحب المال ، فقال :
ارأيت إن رددت عليك المال ،تحكُمني في أمرأتك ؟
قال:نعم
فقال له المنصور:هذا مالك ، وقد طلقت المرأه منك ..
(فراسة المؤمن في النظرة الثاقبه والحكم الصائب)