اخوتي الاعزاء كان في نفسي شيء من الجماعة الثانية في رمضان اي الجماعة في العشر الاواخر التي تاتي بعد الجماعة الاولى التي اوتر بهم الامام وانصرفوا الى اهلهم فيأتي البعض في اخر اليل ليصلو جماعة اخرى بحجة ان النبي (صلى الله عليه وسلم) يشد المئزر وهو فهم خاطيء للحديث فشد المئزر قيل كناية عن اعتزال النساء
اوبحجة اخرى وهوقول والذين ينامون عنها فقالو المراد الذين ياتون اخر اليل وهو فهم خاطيء ايضا
فاردت ان اقتبس هذا الكلام لاني وجدت فيه ضالتي
أجاب عنه : عبد الحليم توميات / إمام خطيب مسجد عمر بن الخطاب – الجزائر العاصمة
السؤال :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هل يجوز صلاة التهجد في المسجد الذي أقيمت فيه صلاة التراويح
نرجو من فضيلتكم شيئا من التفصيل، بارك الله فيكم.
..
ولكنّه مع مرور الأيّام وقلّة العلم بين الأنام، تراهم ربّما وقعوا في كثير من البدع والمخالفات الّتي زادها السّكوت عنها ذيوعا وانتشارا.
ومن هذه البدع والمخالفات إحياء صلاتين لقيام اللّيل بالمسجد الواحد، وهذا العمل مخالف لسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وسنّة أصحابه الكرام.
- أمّا كونه مخالفا لسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فما علمنا قط أنّه أباح تعدّد الجماعات في المسجد الواحد، حتّى إنّ العلماء ما زالوا مختلفين في المسبوقين في الفريضة هل يصلّون جماعة أو فرادى ؟ وعلّل من منع ذلك بعللٍ كثيرة منها:
• أنّ ذلك يؤدّي إلى التّباغض وتفريق الجماعة.
• والتّشاجر بين الأئمّة.
• وفيه تخلّل أهل البدع بين صفوف الأمّة.
• انتفاء حكمة الجماعة.
• اتّهامهم بحبّ الفتنة ونحو ذلك.
وفي عبادة قيام اللّيل نراه صلّى الله عليه وسلّم صلّى بعض ليالي رمضان جماعة ثمّ دخل بيته وصلّى منفردا خشية أن تُفرض عليهم، ولكنّه رغّبهم في أن يتماسكوا بالجماعة الواحدة، فقد روى التّرمذي والنّسائي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: « إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ ». فقد كتب الله للقائم بعض اللّيل أجر قيام ليلة كاملة وذلك لأنّه أتمّ صلاته مع الإمام والجماعة الواحدة، فهل بعد هذا الخير من خير ؟! وهل بعد هذا الثّواب من ثواب ؟!
لذلك حرص الصّحابة على ذلك، وهو الأمر الثّاني:
- فإنّ عمل الصّحابة جرى على جمع النّاس في جماعة واحدة في وقت واحد، فقد روى البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ القَارِي أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاَتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاَءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلَ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ. يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.
فترى عمر رضي الله عنه يرجو ويستحسن قيام آخر اللّيل، ولكنّه رجّح الصّلاة أوّل اللّيل لشيء واحد، وهو الاجتماع.
وما أحسن ما ذكره أبو داود في " مسائله " (ص 62) قال: " سمعت أحمد بن حنبل قيل له: يعجِبك أن يصلّي الرّجل مع النّاس في رمضان أو وحده ؟ قال: يصلّي مع النّاس. وسمعته أيضا يقول: يعجبني أن يُصلّي مع الإمام ويوترَ معه ".
ومثله ذكر ابن نصر المروزيّ (ص 91)، ثمّ قال أبو داود رحمه الله: " قيل لأحمد وأنا أسمع: يؤخّر القيام-يعني التّراويح- إلى آخر اللّيل ؟ قال: لا ! سنّة المسلمين أحبّ إليّ ".
فإن كان الإمام والجماعة كلّها يرغبون في أن يقوموا آخر اللّيل فقد حصّلوا بذلك الفضيلتين معا، أمّا أن تتعدّد الجماعة في المسجد الواحد، فظاهر ممّا تقدّم أنّ فيه مخالفة ظاهرة للسنّة، والله أعلم.
أمّا من يصلّي مع الجماعة الأولى، ثمّ يأتي فيصلّي مع الجماعة الثّانية آخر اللّيل، فهذا فيه مخالفتان:
الأولى: أنّه خالف سنّة الاجتماع.
الثّانية: أنّه جاوز عدد الرّكعات الثّابتة في قيام اللّيل، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا كاَنَ رَسُولُ اللهِ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبعاً فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثاً.
وممن أنكر الزّيادة على ذلك الإمام مالك رحمه الله –كما في " الحاوي للفتاوى" (2/77) للسّيوطي-، وابن العربيّ المالكيّ في "عارضة الأحوذي" (4/19)، والصّنعاني في " سبل السّلام " (2/11-12) وقال: إنّها بدعة، وغيرهم من المعاصرين وفي مقدّمتهم الشّيخ الألباني رحمه الله تعالى.
أمّا من يستدلّ ببعض الآثار ويعدُّها صحيحة فلا إنكار عليه، والعلم واسع لا يحويه أحد، وعلينا أن يسعَنا وما وَسِع الأوّلين.
والله أعلم