اكد الشيخ الدكتور حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين انه ليس هناك أي فرق بين السياسة التي انتهجتها إلادارة الامريكية السابقة برئاسة بوش الصغير وما تنتهجه الادارة الحالية برئاسة باراك اوباما.
وقال الشيخ الضاري في حوار اجرته معه مجلة البيان في حزيران 2010م : كنا نتوقع أن يستفيد أوباما من أخطاء سلفه بوش ، وكانت الأجواء مهيئة لذلك ومساعِدَة لاجراء تغيير في السياسة الأمريكية ازاء العراق، ولكنه سار على الطريقة التي سارت عليها الإدارة السابقة ، عسـكرياً، وأمنيـاً، واقتصادياً، وسـياسـياً .. موضحا ان قوات الاحتلال الأمريكية ما زالت تنتهج نفس السياسة الهمجية في احتلال المدن والقرى، والمداهمات، وقتل العراقيين المدنيين الأبرياء في الشوارع .
وحول الصراع الدائر الآن بين الكتل والأحزاب الفائزة في الانتخابات الاخيرة عزا الشيخ الضاري ذلك الى أسباب عديدة، بينها: الرغبة في الهيمنة على الحكم بأي شكل كان، حتى ولو بالقوة، واصرار بعض الكتل على تنفيذ برامج طائفية وعِرْقية، وسياسية، اضافة الى الهيمنة الأجنبية والتدخلات الخارجية الرامية الى بسط سيطرتها على العراق ونهب ثروات شعبه .. معربا عن امله في ان يعود العراق الجريح الى ابنائه ويخرج من كل العوائق والمصدَّات التي وضعها الاحتلال، والمتعاونون معه، وعملاؤه على طريقه.
وفي ما يأتي نص الحوار : ـ
* البيان -: بصفتكم أكبر القوى المناهضة للاحتلال والعملية السياسية التي شكَّلها، ما هو تقييمكم للانتخابات الأخيرة التي جرت في السابع من آذار / مارس الماضي؟ وما هي رؤية هيئة علماء المسلمين للعملية الانتخابية من حيث قانونُها والجهاتُ المشرفة عليها والآلياتُ التي جرت بموجبها؟
// الشيخ الضاري: تقييم الهيئة للانتخابات الأخيرة التي جرت في العراق في آذار الماضي يتلخص في أن هذه الانتخابات جرت بالطريقة نفسها التي جرت بها الانتخابات الأولى والثانية بعد الاحتلال، وَوَفْقَ الأسس نفسها التي جرت عليها في وقتها، ثم شابت هذه الانتخابات شوائب كثيرة، زادت على ما مضى من شوائب؛ حيث إن الجهة المشرفة عليها هي جهة منافسة للجهات الأخرى، وكانت لها الهيمنة على هذه الانتخابات؛ فعملت كل ما تستطيع لتكون النتائج في صالح الحكومة الحالية، وبالتحديد في صالح نوري المالكي. ولم يكتفِ المالكي بذلك وإنما قامت أجهزته الأمنية والعسكرية بإرهاب كثيرٍ من أهالي المناطق التي يظن أنها لن تؤيِّدَه، وأنها سئمت وجودَه في الحكم؛ لمنعهم من المشاركة في التصويت.
وزاد هذا بالضغط على المفوضية وما يسمى: هيئة المساءلة والعدالة؛ لإصدار قوائم بطرد أو اجتثاث - كما هو معروف في مصطلح العملية السياسية - عددٍ غير قليل من المنافسين لقائمته، وبالتحديد من القائمة العراقية. وبعد ظهور النتائج - وهي متقاربة - وفوز إحدى القوائم بعدد أكثر من الأصوات؛ طالب المالكي بإعادة فرز الأصوات في بعض المناطق، وفي بغداد تحديداً. ولما لم تأتِ كلُّ هذه الأمور بنتيجة، لجأ إلى الائتلاف مع خصوم الأمس في الائتلاف الموحَّـد المسـمى الآن بـ (الائتـلاف الوطني). فضلاً عن كل ما تقدَّم فإن التدخل الإيراني كان يعمل على هذا الخط أيضاً؛ حيث ضغطت إيران على الائتلافين: (ما يسمى بـدولة القانون والائتلاف الوطني)؛ لتكوين الكتلة الأكبر في مواجهة الكتلة الخصم في البرلمان. وأخيراً فإن القاصي والداني يشهد على أن هذه الانتخابات لم تكن نزيهة، وأنها هيمنت عليها عدة أطرافٍ، وأُقصِي فيها كثير من أبناء الشعب العراقي عن الإدلاء بأصواتهم للجهات التي يودون انتخابها وتمثيلها لهم. والخلاصة أن هذه الانتخابات لم تكن شعبية، ولانزيهة، ولا (ديمقراطية) كما يروج لها الاحتلال والمستفيدون منها.
* البيان -: في ضوء ما تمخضت عنه نتائج الانتخابات، كيف سيكون شكل حكومة الاحتلال الخامسة برأيكم؟ وماذا ستحمل الأحداث التي ترافق تشكيل هذه الحكومة؟
// الشيخ الضاري: تمخضت نتائج الانتخابات عن أربع كتل رئيسة متقاربة في العدد أو في النفوذ، ولا تستطيع أي كتلة أن تشكل بمفردها الحكومة القادمة، ولا يبدو أيضاً أن ائتلافاً بين كتلتين أو ثلاث قد يؤدي لتشكيل الحكومة لأسباب وضعتها العملية السياسية أساساً؛ ولذلك في أقرب التقديرات فإن الحكـومة ستؤلَّف في النهـاية مـن أربع كتـل هي: (القانون) و (الائتلاف الوطني) و (التحالف الكردستاني) و (العراقية). وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا الائتلاف الرباعي سيكون ضعيفاً ولن يأتي بحكومة قوية يمكن أن تسهم في إخراج العراق من المشاكل التي هو فيها، وجَلْبِ الأمن والاستقرار لأبنائه، أو على الأقل التخفيف من مشاكله ومعاناة أبنائه؛ وذلك للأسباب الآتية:
1 - آلية اتخاذ القرار فيها ستكون في الغالب بالتوافق، وهذا التوافق غالباً ما سيكون على حساب مصلحة البلد وأهله.
2 - قرارات الحكومة ستكون خاضعة للتدخلات الخارجية؛ لأن هذه الحكومة ستعترضها عقبات كثيرة ستضطرها إلى الرجوع إلى الجهتين المهيمنتين على الشأن العراقي في هذه المرحلة، وهما: أمريكا وإيران.
3 - لا يستطيع أي طرف يدعي أنه وطني، وأنه جاء من أجل حل مشاكل العراق، وتأمين الأمن والاستقرار والعيش المناسب لأبناء الشعب العراقي... لا يستطيع تقديم شيء يذكر؛ لأنه سيصطدم بتوجهات الآخرين الذين لا يريدون للعراق أمناً واستقراراً وتعايشاً سلمياً حقيقياً.
وخلاصة القول أن الانتخابات وما سيسفر عنها من حكومة لا يمكن أن تؤدي إلى تغيير الأوضاع في العراق، بل ستسهم في تأزيمها وتعميقها أكثر من أي وقت مضى.
* البيان -: ما أسباب الصراع الدائر الآن بين الكتل والأحزاب الفائزة في الانتخابات حول تشكيل الحكومة؟ وهل فيه إشارات إلى أن في العملية السياسية صراعاً وتنافساً حقيقياً للفوز بتشكيل الحكومة؟
// الشيخ الضاري: الصراع الدائر الآن بين الكتل والأحزاب الفائزة في الانتخابات له أسباب عديدة، وإن حاول البعض إخفاءها، منها: الرغبة في الهيمنة على الحكم بأي شكل كان، حتى ولو كان بالقوة. وهذا ما تشير إليه كل التصرفات والسلوكيات التي تسير عليها الحكومة الحالية منتهية الولاية. ومنها أيضاً أن بعض الكتل لديها برامج طائفية؛ وبعضها لديها برامج عِرْقية، وبعضها لديها برامج سياسية... وهي مختلفة ولا تلتقي؛ كما أن هناك الهيمنة الأجنبية والتدخلات الخارجية فالأمريكيون حريصون على أن تكون العملية غطاءً مناسباً لمصالحهم في العراق بعد انسحابهم، والإيرانيون يريدون من الحكومة من خلال حلفائهم أن يبقى نفوذهم في العراق قوياً، وأن لايلتئم شمل العراق، وأن لا يقف على قدميه كبلد حر مستقل له مكانته في المنطقة. كما أن هناك قِوىً داخلية لا ترغب في أن يكون العراق بهذه المكانة؛ لأن عودة العراق إلى مكانته الطبيعية قد تحول بين هذه القوى وبين تحقيق مصالحها ومخططاتها في العراق.
* البيان -: إن الناظر من خارج المشهد العراقي يسأل: لماذا هيئة علماء المسلمين لم تدعم المشاركة في الانتخابات؟ وهل تجد لموقفها هذا تأييداً من أوساط الشعب العراقي؟
// الشيخ الضاري: لم تدعم الهيئة المشاركة في الانتخابات الأخيرة؛ لأنها تعلم مقدَّماً بنتائج هذه الانتخابات، وكانت تستشرف ما ستؤول إليه هذه الانتخابات؛ فقد استشرفنا في الهيئة أن الانتخابات ستأتي بأربع أو خمس أو حتى ست كتل متقاربة وتشكَّل منها الحكومة، وأن هذه الحكومة ستكون ضعيفة وخاضعة لمرجعيتين هما: أمريكا وإيران، ومن ثَمَّ لن تستطيع هذه الحكومة أن تغير شيئاً في العراق أو تصلح شيئاً مما أفسده الدهر؛ ولذا لا تريد الهيئة أن تتحمل وِزْرَ دعم عملية تعلم مقدَّماً أنها فاشلة، فضلاً عن كون هذه العملية تجري في ظل الاحتلال الذي قالت الهيئة منذ البداية: إنه لا شرعية لأي حكومة في ظله، وإن أية عملية سياسية في ظل الاحتلال لا يمكن أن تؤدي إلى إخراج العراق مما هو فيه وإيصاله إلى شاطئ السلامة. وتبيَّن لنا - والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه - بعد الانتخابات أن أغلب أبناء شعبنا وقسم من أرباب العملية السياسية، أقرُّوا بأن رأي الهيئة في العملية السياسية عموماً هو الرأي السليم، وأن هذه العملية ليست إلا مظلة لخدمة مشروع الاحتلال ومشاريع القوى المتدخلة من خارج العراق والقوى المهيمنة على السلطة في داخله؛ ولذلك فنحن لا نعوِّل عليها بقليل أو كثير.
* البيان -: كيف تنظر هيئة علماء المسلمين إلى مستقبل العراق؟ وما الذي تتوقعون حصوله في حال انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي؟
// الشيخ الضاري: تنظر الهيئة إلى مستقبل العراق في المدى القريب على أنه مستقبلٌ معتمٌ للأسف، وأنه قد تشوبه بعض الأحداث والمنعطفات المؤذية. أما على المدى البعيد فإنها تأمل أنه قد يعود مستقبلاً لأبنائه، وأنه سيتماثل للشفاء وسيخرج من كل العوائق والمصدَّات التي وضعها الاحتلال، والمتعاونون معه، وعملاؤه على طريقه. أما في حـال انسـحاب الاحتلال فإننا لا نتوقع حدوث أحداث كبيرة؛ وإنما قد تعتري هذا الانسحاب وتصاحبه بعض الظروف غير العادية؛ لِـمَا أحدث في العراق من شروخ وفجوات، ولكنها في تقديرنا لن تؤثر على مسار الطريق الصحيح لحل مشاكل العراق ولعودة العراق إلى أهله؛ لأن كثيراً من المشاكل العالقة اليوم في العراق يقف وراءها الاحتلال، فإذا خرج فإن الطريق ستكون مفتوحة للتفاهم بين أبناء العراق، والتصالح والتعايش في ما بينهم؛ لأن الاحتلال كان هو العائق الأكبر لذلك ولا يزال، بل هو السبب الرئيس لإحداث الفتن والخلافات وتأجيجها بين الأطراف العراقية من خلال حلفائه وعملائه في العراق.
* البيان -: العراق وقع تحت الاحتلال في ظل إدارتين للحكومة الأمريكية، ما الفارق بين إدارة بوش وإدارة أوباما من وجهة نظركم؟
// الشيخ الضاري: في تقديرنا لا يوجد فرق بين الإدارتين الأمريكيتين: إدارة بوش السابقة، وإدارة أوباما الحالية. وكنا نتوقع أن يستفيد أوباما من أخطاء سلفه، وكانت الأجواء مهيئة لذلك ومساعِدَة له؛ في أن يستفيد منها وأن يجري تغييراً في السياسة الأمريكية في العراق. ولكنه سار على الطريقة نفسها التي كانت تسير عليها الإدارة السابقة: عسـكرياً، وأمنيـاً، واقتصادياً، وسـياسـياً؛ فالقوات الأمريكية ما زالت تسير على السياسية نفسها؛ فاحتلال المدن والقرى، والقصف، والمداهمات، وقتل العراقيين المدنيين الأبرياء في الشوارع؛ مستمر كما كان في عهد الإدارة السابقة، بل حدثت أعمال على عهد هذه الإدارة أفظع بكثير مما جرت في عهد الإدارة السابقة.
أما أمنياً فقد ازداد الأمر سوءاً في العراق؛ فالاغتيالات والاعتقالات من قِبَل القـوات الأمريكيـة والحكـومية أودت بما يزيد على نصف مليون عراقي، هم اليوم مغيبون في سجون الاحتلال والحكومة، وأما في الوضع السياسي فإن إدارة أوباما وإدارة بوش اعتمدتا على الدمى نفسها التي حكمت العراق، أو تحكَّمت فيه من خلال هاتين الإدارتين؛ على الرغم من علمهما بفساد هذه الدمى سياسياً وإدارياً ومالياً، فضلاً عن إجرامها بحق أبناء شعبها؛ حيث تسببت مع الاحتلال في إزهاق أرواح ما يزيد على مليون ونصف مليون شخص. ومن هنا فإن إدارة أوباما لم تختلف عن إدارة سلفه. بل ربما تزيد عليها بحَيْرَتِها وضعف إرادتها وقرارها في العراق.
* البيان -: الملف الأمنـي في العراق يلتـحف الملـف السياسي... يا تُرَى كيف يكون اللعب بهذين الملفين في تشكيل الحكومة القادمة؟
// الشيخ الضاري: بالتأكيد الملفان: الأمني والسياسي متلازمان ويلتحف أحدهما الآخر؛ فالملف الأمني يقوم على السياسي، ولَـمَّا لم يكن للحكومة ملف سياسي واحد متفق عليه، بل هناك ملفات سياسية متعددة لكل قوة، أو جهة من الجهات الحاكمة أو المتنفِّذة في العراق، أصبح الملف الأمني متأرجحاً بين هذه الملفات السياسية المتعددة. وبسبب هذا سيبقى الوضع مرتبكاً ومضطرباً وستبقى نتائجه المأساوية تقض مضاجع أبناء الشعب العراقي وتجر عليه يومياً كثيراً من المصائب والويلات.
* البيان -: يشير عدد من التقارير إلى سيناريو محتمَل، وهو تشكيل حكومة (إنقاذ وطني) في حال فشل السياسيون في تشكيل الحكومة. ما هو موقفكم من هذا السيناريو؟ وما البدائل التي تقترحها الهيئة في ذلك؟
// الشيخ الضاري: من المعلوم أن مواقف الهيئة من الحكومات عموماً مرتبطة بمواقف هذه الحكومات من العراق وأبنائه وسلوكيات هذه الحكومات وأدائها، وليس موقفها متعلقاً بأشخاص الحاكمين؛ لذلك كانت مواقف الهيئة منذ الاحتلال وإلى اليوم مواقف مناهضة لأعمال هذه الحكومات وسلوكياتها؛ لأن هذه الحكومات كانت حكومات أحزاب، وجهات، وفئات سياسية وطائفية وعرقية، تخدم أولاً مصالح الحاكمين الشخصية، وتخدم ثانياً الأحزاب التي تنتمي إليها، وتخدم ثالثاً مصالح القوى التي مكَّنتها من حُكْمِ العراق وإدارة شؤونه، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإيران وغيرهما من القوى الأخرى الخارجية الدولية والإقليمية. ولم يكن من بين اهتمامات هذه الحكومات الاهتمام بمصالح العراق العليا، أو مصالح أبنائه من قريب أو بعيد، ومن هنا كانت مواقف الهيئة هي مواقف المناهضة والمعارضة لها: سياسياً وإعلامياً ومعنوياً؛ لأن هذا أقل ما يجب على الهيئة أن تعمله إزاء ما تراه من الفساد والخراب والدمار الذي أصاب العراق وشعبه على يد حكومات الاحتلال؛ فإذا جاءت هذه الحكومة الجديدة - والأخيرة إن شاء الله في ظل الاحتلال - وسارت على طريق الحكومات التي سبقتها، فإن موقفنا سيبقى موقف المناهضة الواضحة والصريحة لها، وأما إن تغير الوضع في العراق تغييراً واضحاً حاسماً، تنعكس آثاره على أبنـاء الشـعب: كتغييـر الدسـتور، وإنهـاء الاحتـلال، وإزالة ما خلَّفه عدوانه من خراب ودمار، وتعويض أبناء الشعب عمَّا خسره وعاناه، واحترام رأي القوى السياسية المناهضة للاحتلال والمقاوِمة له، والاعتراف بجهودها وتقديرها؛ فإن الهيئة قد يكون لها موقف آخر، ولكل حادث حديث.
وأما السيناريوهات المطروحة أو التي يروَّج لها إعلامياً في حال فشل تشكيل الحكومة، فهي كثيرة، ومنها مشروع حكومة الإنقاذ الوطني. وهذا السيناريو هو جزء من سيناريوهات العملية السياسية، وهو أمر يعود إلى أرباب العملية السياسية وسادَتِهم؛ لأنه في كل الاحتمالات سيكون هذا السيناريو مشكَّلاً منهم، أو ممن هم قريبون منهم؛ ولذلك فهو لا يخرج عن إطار العملية السياسية. وبناءً على ذلك فهو أمر يخص أصحاب العملية السياسية والمتحكمين الحقيقيين في الشأن العراقي اليوم.
* البيان -: كيف تنظر هيئة علماء المسلمين إلى الدور الإيراني في العراق؟ وما هي الطرق التي تراها الهيئة للحدِّ من هذا الدور؟
// الشيخ الضاري: الدور الإيراني أصبح اليوم واضحاً لكل مهتمٍّ بالشأن العراقي؛ فقد أجاب الإيرانيون أنفسهم عن تسأولات كثيرة كانت تُطرَح في المجالين (الإعلامي والسياسي). منها: هل إيران متدخِّلة في العراق أم لا؟ وهل تدخُّلُها بالحجم الذي تتكلم عنه القوى العراقية الرافضة للاحتلال والتدخل الأجنبي في العراق؟
ومما لا يخفى أن كل دول الإقليم وشعوبه أصبحت تعرف أن من أسباب تعقُّد مشكلة تشكيل الحكومة القادمة هو التدخل الإيراني أو ما يسميه بعض الناس ( الفيتو الإيراني)؛ ولذا فإن التدخل الإيراني أصبح اليوم واضحاً أكثر من أي وقت مضى لأبناء شعبنا قبل غيرهم، بل حتى البسطاء منهم في الشارع يتكلمـون عن النفـوذ الإيراني ويشـجبونه، ولعـل ما تنقله وسـائل الإعـلام على لسـان الشـعب العـراقي عن هذا الموضوع في كل حدث من الأحداث يؤكد ذلك.
أما عن ماهيَّة الطرق التي تراها الهيئة للحدِّ من هذا الدور، فهي ترى أن طُرُقَ الحدِّ من الدور الإيراني، والدور الصهيوني، والأدوار الأخرى في العراق - وهي كثيرة - تتوقف على الأمور الآتية:
1 - رحيل الاحتلال رحيلاً كاملاً.
2 - إجراء مصالحة حقيقة بين كل أبناء الشعب العراقي.
3 - إزالة آثار الاحتلال، ومنها عمليته السياسية وما اشتملت عليه: من دستور، ومحاصصة، واتفاقية أمنية... وغير ذلك.
حينها سيفاجئ العراقيون العالم بوحدتهم وتسامحهم وتصالحهم؛ وهذا هو الذي سيقضي في النهاية على كل تدخُّل خارجي ضارٍّ ومنه التدخل الصهيوني والتدخل الإيراني وغيرهما من التدخلات الأخرى.
* البيان -: أين تقف تركيا من القضية العراقية؟ وهل تعوِّلون على موقفها في إيجاد توازن بين التجاذبات الإقليمية والاحتلالية؟
// الشيخ الضاري: إن موقف تركيا في العراق لا يختلف كثيراً عن مواقف الدول العربية؛ لأنها مؤيِّدة للعملية السياسية كما العرب مؤيدون لها؛ على الرغم من أن هذه العملية السياسية هي التي جلبت إلينا كل المشاكل والمصائب التي يعاني منها الشعب العراقي، ومع هذا نأمل من الموقف التركي أن يكون عامل توازن بين التجاذبات الإقليمية والاحتلالية؛ ولا سيما أن أغلب العراقيين يعتقدون - في ما نعلم - أنه ليس لتركيا أطماع جغرافية في العراق ولا نوايا للهيمنة السياسية أو غيرها.
* البيان -: ما هو تعليقكم على قرار وزارة الخزانة الأمريكية ولجنة (1267) بخصوص الاتهامات التي وُجِّهت مؤخراً إلى المسؤول الإعلامي في هيئة علماء المسلمين الدكتور مثنى حارث الضاري؟ وهل كان لهذه الاتهامات تأثير على الهيئة من حيث مواقفُها وانتشارُها؟
// الشيخ الضاري: القرار الأمريكي الصادر من وزارة الخارجية واللجنة (1267) في الأمم المتحدة ليس جديداً، بل وُجِّهَ مثلُه لي قبل سنتين. وهو قرار مبنيٌّ على اتهامات كيدية باطلة، فبركتها حكومة المالكي الحالية ونسبتها إلينا أولاً قبل سنتين، ثم إلى ابننا مسؤول الإعلام في الهيئة أثناء الانتخابات الأخيرة. ونعتقد أن هذا من قبيل الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية على الهيئة، وكذلك الحكومات المشكَّلة في ظلها؛ لنتراجع عن أهدافنا وثوابتنا ومطالبنا المشروعة في تحرير العراق وأمنه واستقراره. ولكن - والحمد لله - لم تؤثر هذه الاتهامات وهذه الضغوط على الهيئة من حيث مواقفها وانتشارها، بل زادتها ثباتاً وتأييداً؛ لأنها:
أولاً: اتهامات كيدية وباطلة، كما قلنا.
وثانياً: لم تغطِّ فشل العملية السياسية وانتخاباتها الهزلية الأخيرة التي استبد بها المالكي، ولم تستطع الإدارة الأمريكية أن تأخذ على يديه بشيء: سواء في تزوير الانتخابات، أو تأخير تشكيل الحكومة، أو إيقاف الاعتقالات والاغتيالات والتفجيرات التي تعم العراق اليوم من شماله إلى جنوبه، والتي أظهرت بوضوح عجز الإدارة الأمريكية عن عمل أي تغييـر فـي العـراق، وأن موقفهـا هو موقـف المتفـرج علـى ما يجري من مآسٍ في العراق، بل موقف المشارك في ذلك والمغطي له.
* البيان : نشكر فضيلة الشيخ على هذا الحوار
// الشيخ الضاري : اهلا وسهلا وبارك الله فيكم