رحلة ادوارد نولده مبعوث روسيا إلى نجد عام1893م //1310هـ
لمقابلة أمير العرب : محمد العبدالله الرشيد
ولد الروسي البارون ادوارد نولده عام 1849م في مقاطعة لاتفيا من أسرة ألمانية .
أوكلت له روسيا مهمة سياسية سرية إلى نجد
وذلك لمقابلة الأمير محمد بن رشيد عام 1893م 1310هـ
والتفاوض معه من اجل تأمين ميناء بحري للسفن الروسية على الخليج العربي .
وصف حائل كما يقول ادوارد نولده في كتابة :
(( وصلت إلى مسامعي أنباء غير سارة عندما كنت في الحيانية أن الأمير محمد بن عبدالله الرشيد خارج في غزوة لتأديب بعض القبائل وفي حائل تم تعيين وصاية للعرش تحت قيادة حمود الرشيد وهو ابن عم الامير ، و في يوم 9 فبراير كنت على مشارف حائل ومناظرها الخلابة التي تشكل سلسلة جبال شمر خلفية فنية رائعة لها ولم يسمح لي إلا بعد أن بينت لهم أني مبعوث رسمي من روسيا وقد حاول حمود إجراء بعض التغييرات في مظهري الأوروبي )) . أنتهى .
تعليق :
كان الأمير محمد بن رشيد في غزوة لتأديب قبائل عتيبة ومطير بالقرب من شقراء وكان يرافقه ابن أخيه عبد العزيز المتعب وأبناء الامير حمود وكان نائبه في حائل هو الأمير حمود بن عبيد الرشيد الساعد الأيمن له ، وقد أشار نولده بأن الأمير انتصر في هذه الغزوة وغنم 6000 من الإبل و300 حصان .
التدخين ممنوع منعاً باتاً في حائل بآمر من الامير
يقول المبعوث الروسي :
(( ولقد كان التدخين ممنوع منعاً باتاً بأمر الامير وان بيع التبغ كبيع الخمر حيث كانوا يدعونه بعشب الشيطان وان قيامي بالتدخين في هذه الظروف يعتبر استفزازا )) .
دخوله إلى قصر برزان :
(( دخلنا في قصر ابن رشيد الخاص فكان عبارة عن تكتل من الغرف المظلمة على الدوام مابين 200 إلى 300 غرفة وحجيرات صغيرة وغرف علوية ودهاليز وأروقة وحديقة كبيره وجميلة ويحيط بالقصر كله جدار ذو أبراج فيها فتحات دفاعية وان اغلب سجناء الدولة المهمين محتزون في مكان تحت إشرافه الشخصي وحسن بن مهنا شيخ بريدة تم تحويله إلى المبنى الحكومي))
القصر الحكومي كما يصفه الرحالة :
(( إن القصر الحكومي هو مبنى ضخم محصن جدرانه لا نوافذ لها ويوجد عليه ستة أبراج ومطابخ القصر تبلغ جملة ما تطعمه يومياً 2000 شخص والكلفة اليومية تصل 100 جنيه إسترليني بالإضافة إلى مخزون كبير من الأسلحة والبنادق والسيوف والذخيرة وثروة ابن رشيد من الذهب محفوظة في هذه القلعة وتقدر قيمتها مابين 1,5 إلى 2 مليون جنيه إسترليني ))
الوضع الثقافي والتعليمي مزدهر في عهد الأمير محمد بن رشيد
حيث يقول الرحالة ،، مايلي نصـّــه :
(( هناك أربع مدارس في حائل وتوصف هذه المدارس وفق معايير العرب بأنها جيدة للغاية ولقد أنغمس ابن رشيد بشكل كبير في هذا الترف الثقافي فجلب عدداً من المعلمين من سوريا ومصر وكان يحاول بمساعدتهم توسيع التعليم ونشره في حائل .بالإضافة إلى تعليم القرآن واللغة العربية وكانت تدرس بعض الرياضيات والجغرافيا وقد عرض عليَ اثنين من صبيان حائل لتفوقهم في الرياضيات. ولقد وجدت أن ابن رشيد ذكي وداهية وبدوي مستنير ومطلع بصورة جيدة وان فهمه للشئون الأوروبية كان حقاً مثاراً للدهشة )).
نولده في مخيم الأمير محمد بن رشيد شمال الرياض
لمقابلتة :
(( عند وصولي للمخيم استقبلني ابن رشيد بالكيفية التالية لقد تم نصب خيمة جميلة للغاية يفوق جمالها الخيمة العادية ثلاث مرات على تكتل من الرمال وكان المدخل الأمامي للخيمة يعطي الانطباع انه منصة عالية لقد شكلت واجهة الخيمة جانبا واحدا لمربع أما الجوانب الأخرى فتشكلت ب2000 من الجنود كحرس شرف ولقد تقدمت راكباً عبر الميدان النابض بالحياة إلى ساحة فسيحة يرافقني كلاً من عبدالعزيز الرشيد ولي العهد وماجد ابن حمود الرشيد ،وقد ترجلت واقتربت من الخيمة وقام الامير محمد وتقدم بضع خطوات نحوي ثم دعاني للدخول في خيمته مرحباً بي )) .
وصف نولده للأمير محمد بن رشيد :
(( إن محمد بن رشيد الذي يبلغ الآن حوالي الثالثة والخمسين من العمر ذو قامة تكاد تكون متوسطة حيث كان بديناً وقوي البنية لقد كانت تقاطيع وجهه ناعمة ومشذبة وعيناه حادتان وذاتا نظرة ثاقبة للغاية للدرجة التي تبدوان أحيانا وكأنهما نظرات نمر كانت لحيته السوداء غير طويلة ومشذبة قليلاً أسفل الخدين وتتناقص تدريجياً إلى نقطة أسفل الفك مباشرة لقد اخبرني لاحقاً أن لحيته قد صارت بيضاء مشيبة للغاية وأنها تظهر بذلك السواد فقط لأنه قد صبغها.
أول حديث جرى بيننا كان ذلك التمهيد المحتضر المعتاد وهو السؤال عن الصحة والرحلة الشاقة ومن ثم بدأ الحديث عن المهمة السرية )) .
بيرق الامير محمد بن عبدالله الرشيد
كما يصفه الرحالة :
(( إن علم ابن رشيد احمر مع الكلمات لااله إلا الله محمد رسول الله مطرزة عليه وان حامل هذه الراية من أكثر الأشخاص أهمية في حاشية ابن رشيد ولقد بقيت في مخيم ابن رشيد عشرة أيام بأكملها )) .
ثم يكمل ويقول مايلي نصـــّـــه :
(( يحيط بالأمير في جميع الأوقات حرس شخصي من 2000 رجل وهم من أفضل المسلحين وان اللون المفضل له هو اللون البرتقالي الذهبي الداكن وجميع من حوله يرتدون نفس اللون وان بعضاً من معاطفه مثلاً مصنوعة من الشال الفاخر والغالي )) .
ثم يكمل الرحالة ويقول:
(( إن الأمير محمد الرشيد لم يكن رجلاً ذكياً وعادلاً فحسب بل كان راوياً ومصوراً للناس والأحداث بشكل منقطع النظير ، لقد كان الأمير مشتركاً في عدد من الصحف العربية والتركية في مصر وسوريا والقسطنطينية وكان يقوم بكتابة العديد من الرسائل المطولة وفي الحقيقة كان الأمير كريماً للغاية لقد حظي كل أتباعي من المرافقين على هدايا عبارة عن ملابس وقطع ذهبية وجمال وفي اليوم السابق لرحيلي تلقيت من الأمير الهدية الخاصة بي وكانت عبارة عن فرس وثلاثة مهور من المهرة فرحة سلالة خيل ابن رشيد كأولى الخيل العربية أصالة واهداني جمال ومؤن وقرب ماء ورز وشعير وتمر وزبد . وبدأ قائلاً أن كل شيء ممكن قد تم عمله لكي تكون رحلتك إلى بغداد مأمونة ومريحة أن جميع حلفائي من العرب قد تم أعلامهم بالطريق الذي سوف تسلكه ولقد كتبت إلى الحاج حسن حاكم بغداد والى ابن هذال شيخ قبيلة عنزة. لقد رافقني الأمير عند مغادرتي لما يقارب الساعة ثم اخذ الأمير نماذج من توقيعاتي وختمي ووعدني بان أي شخص يحضر اليه يحمل رسالة بتوقيعي وختمي سوف يعامله كصديق حميم وأخيرا حانت لحظة الاحتضان للوداع الأخير والذي جرى في جدية ووفق اللياقة العربية دون النظر أو الالتفات إلى الخلف )) .أنتهى
.