محمد يسر المعيوف يكتب: أطلقوا سراح أحمد الشمري
ملاحظة : «الطبقات الغنية تخشى في العادة من حصول الطبقات الفقيرة على مزيد من الحقوق , والمفارقة هنا , هي أن الأغنياء الذين يؤلفون في أي مجتمع أقلية عددية , هم الذين يملكون في أيديهم زمام السلطة السياسية التي تتحكم في الفقراء الذين يؤلفون الأغلبية الساحقة!» (د. أحمد أبو زيد)
رغم محاولة طمأنة المتلقي وتخدير أعصابه بالتصريحات – الفقاعات , إلا أن تصريحات المسؤولين بواد , والواقع بواد آخر , ومع هذا فالقضية لا تزال «مشعللة» , وأقصد بالقضية هي قضية «البدون» , التي بدأ موسمها السنوي . (سنتطرق إلى قصة الموسم في مقال لاحق)!!
بديهياً ومنطقياً .. إذا أردت إبعاد شخص ما إلى بلده , فإنك ستنظر إلى أي بلد ينتمي إليه هذا الإنسان , لتقوم بإبعاده إليه – وانت مغمض – دون أي تعقيدات في الموضوع أو إطالة في التفكير .. ولكن ما عساك أن تفعل إذا كان هذا الإنسان لا يحمل أي اثبات يعود لدولة أخرى , ولكنه يحمل أوراقاً تثبت أنه منتمٍ إلى البلد الذي تريد أن تقتلعه منه ؟!
من المؤكد أنك ستنسى قصة الإبعاد وتجتثها من رأسك , وستحاسبه فقط على «قد» خطأه (هذا إذا كان مخطئا من الأساس).
قانونياً .. نجد أن المرسوم الأميري رقم 17 لسنة 1959 المعني بإقامة الأجانب , عرّف الأجنبي في المادة الأولى على أنه , من يدخل الكويت أو يخرج منها بجواز سفر ساري المفعول صادر من سلطات بلده المختصة أوأي سلطة أخرى معترف فيها .
وإذا صدر بهذا«الأجنبي» حكم إبعاد إداري بتهمة مخالفة القانون أو أي مخالفة جسيمة , فإنك – أيضاً وانت مغمض وبدون أي شوشرة أو تعقيدات – ستُبعده إلى بلده الذي تنص الوثائق على أنه ينتمي إليه , وإذا دعت الضرورة لحبسه في سجن الإبعاد قبل ترحيله , فإن المادة 18 من قانون إقامة الأجانب تنص على أنه , يجوز توقيف الأجنبي الصادر أمر بإبعاده لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً ... فماذا ستفعل مع «البدون» الذي يحمل الإثباتات , التي تدل على أنه لا ينتمي سوى إلى البلد الذي تريد ترحيله منه ؟!
من المؤكد – أيضاً – أنك ستنسى قصة الإبعاد , لأن قانون إقامة الأجانب لا يشمل «البدون» , ولا يوجد لإبعاد البدون أي دليل أو مستند قانوني يخوّل المسؤولين إبعادهم أو حبسهم في «سجن الإبعاد» أضعاف المدة المذكورة في المادة 18 من قانون إقامة الأجانب!
إن ما حصل مع السجين «أحمد مشاري الشمري» لا دخل له بالمنطق الذي ذكرناه , ولا بالقانون الذي طرحناه , فحسب ما جاء على لسان «تجمع الكويتيين البدون» , فإن أحمد الشمري هو : «من الكويتيين البدون، متزوج وله من الأبناء سبعة، أحيل إلي إدارة الإبعاد بتاريخ 12/5/2004م ، من قبل إدارة أمن الدولة لإبعاده إدارياً، وذلك للمصلحة العامة كمايدعون، ومازال أحمد معتقلا بسجن طلحة لهذا اليوم ومقيد بسجلات المعتقل بأنه منالجنسية اليمنية، علي الرغم من أنه يحمل بطاقة المراجعة للجنة التنفيذية للمقيمينبصورة غير قانونية سارية الصلاحية.
السجين المنسي أحمد الشمري قام باستخراججواز سفر يمني رقم 0408838 للخلاص من سياسة التضييق التي تمارسها اللجنة التنفيذيةعلى الكويتيين البدون، لكن بعد انتهاء الجواز اكتشف أنه مزور , وقد أثبت الواقعةبكتاب رسمي من السفارة اليمنية رقم 38/12 ق/05 بتاريخ 9/5/2005م يؤكد بأن الجوازالذي يحمله مزور وأن حامله ليس من رعايا جمهورية اليمن، وورود كتاب أخر من وكيلوزارة الخارجية بتاريخ 24/12/2006 تضمن بأن السفارة اليمنية أفادت بأن المذكور ليسمن رعايا الجمهورية اليمنية، وأن أي جواز يمني يظهر لدية يعتبر مزورا ولاغيا، ومعهذا التأكيد من قبل السفارة إلا أن وزارة الداخلية قررت إبعاده للبلد الذي يحملجواز سفرها بعد أن صدر حكم إبعاد إداري بحقه من قبل جهاز أمن الدولة، وفعلا تمإبعاده للجمهورية اليمنية، ولكن السلطات اليمنية رفضت استقباله وأرجعته علي نفسالطائرة، وحاولوا إبعاده مرة أخري بناء على رغبة السجين المنسي "أحمد الشمري " للجمهورية السورية ولكنهم أيضاً أعادوه إلى الكويت مرة أخرى.
في أواخر شهريوليو الماضي، قام شباب تجمع الكويتيين البدون، بالتواصل والتنسيق مع رئيس لجنةحقوق الإنسان البرلمانية الدكتور وليد الطبطبائي، وقد تم تزويده بمستندات وأوراقرسمية تخص السجين المنسي أحمد ، والذي بدوره قام مشكورا بمخاطبة وزير الداخليةبشأنه، وجاء الرد بأن الشخص معتقل منذ عام 2004 وصادر بحقه حكم إبعاد إداري للمصلحةالعامة مأخوذا بجريرة غيره ، دون عرضه لمحاكمة عادلة تثبت ادعاءات جهاز أمن الدولة أو تنفيها»!
والآن .. ماذا يفعل هذا الرجل في سجن الإبعاد لأكثر من 4 سنوات بدون تهمة واضحة ودون عرضه على محاكمة ؟ ولماذا الإصرار على احتجازه رغم ما أثبتته السفارة اليمنية بأنه ليس من رعاياها , وبعد عدم اعتراف السلطات السورية به ؟ وما هو حال زوجه وأبنائه السبعة الذين يفتقدونه – وينتظرون البت بأمره – منذ أكثر من 4 سنوات ؟ بأي مسوّغ تم تقييد حرية هذا الرجل ؟
إن موضوع «أحمد» يجب أن لا يطول ... ومن هنا , أوجه نداء إلى كل من يدعي بأنه ناشط ومناصر لحقوق الإنسان , ومناصر لهذه الفئة , بسرعة التدخل في الموضوع , فالمسألة ليست بالهينة حتى يتم تجاهلها , فالقضية تُعنى بـ«إنسان» تم سجنه لمدة طويلة – وما زال – دون أي مبرر يجعلنا نؤيد ما حل به .
في قضية «أحمد الشمري» سنكتشف من هو الصادق ومن هو المنافق في سعيه لنصرة حقوق «الإنسان» , والدفاع عن القانون - وتطبيقه - في دولة «القانون»!!
محمد يسر المعـيوف
Alm3yoof@hotmail.com
http://www.alabraj.org/MakalDetails....71&MakalType=1