الشعارات وأثرها على الأمة
إن قوم فرعون برعوا بالسحر وتفننوا به. ولما أرسل الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام جعل معجزته تتحدى السحر. فأبطل الله سحرهم بعصا موسى
وفي عهد نبي الله عيسى عليه السلام برعوا بالطب. فتحداهم عيسى عليه السلام فأحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله. فعجز العلم امام ما جاء به عيسى.
وكان العرب يهتمون باللغة والبيان فجعل الله معجزة النبي الذي بعث فيهم هي القرآن وهو كلام الله وتحدى اهل الفصاحة ان يأتوا بمثله فأعجزهم.
المقصود أن العرب يهتمون بـ(الكلام) أكثر من اهتمامهم بـ(الأفعال).
وقد عرف شياطين الإنس هذا الأمر فزخرفوا لنا الشعارات الجميلة
وبعد الحرب العالمية الأولى كانت الشعارات الرائجة هي الشعارات القومية واستمرت زهاء سبعون عاماً ثم جائت بعدها الشعارات الدينية الإسلامية
قلت: حتى وإن كان الشعار حقاً. فلا يدل على إن صاحبه على الحق
فالخوارج رفعوا شعار (لا حكم إلا لله) وهذا حق. لكن هم كانوا على الباطل وقال علي بن ابي طالب عن شعارهم الذي رفعوه (كلمة حق اريد بها باطل)
وإن كثرة أتباع الشعار لا تدل على أنهم على حق. قال الله سبحانه وتعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)
وقال تعالى (وَأَكثَرُهُم لِلحَقِّ كَارِهُونَ)
وقال تعالى (وَقَلِيلٌ مِّن عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
ومن حكمة الله سبحانه وتعالى انه لم يجعل الحق منتصراً في كل الاوقات ولهذا لم يتبع الحق الا القليل من الناس ولو جعله منتصراً في كل الاوقات لتبعه كل الناس. لكن الله اراد ان يميز اهل الحق من اهل الباطل فارتفاع الباطل احياناً وكثرة المطبلين له فتنة لمتبعيه.
اعلم رحمك الله بأنك واضع لبنة في بناء الحق او في بناء الباطل وستسأل عنها. فبناء الحق يبقى وبناء الباطل سينهار مهما ارتفع. قال تعالى (أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ) وستندم على عملك ودعمك وتأييدك للباطل. وسوف تتحسر في هذه الدنيا قبل الآخرة.
فبعض الناس يضع شعاراً لتغيير الواقع يجمله بعبارات البيان قال صلى الله عليه وسلم (وإن من البيان لسحراً) ومن الامثلة عى ذلك:
1- يكون الواقع صالحاً ثم يأتي من يطالب بتغييره ويرفع شعاراً صالحاً وجميلاً مثل ما جاء رجل على رسول الله وقال (اعدل يامحمد)
وكما طالبوا الخوارج علياً بن ابي طالب (بحكم الله)
2- يكون الواقع فاسداً كحال من يحكم بغير ما انزل الله ويكون الشعار فاسداً ايضاً مثل شعار (المساوات) الذي رفعه الشيوعيون كأخذ اموال الأغنياء وتوزيعها بين الفقراء او (المساوات) بين الرجل والمرأة
3- يكون الواقع فاسداً والشعار صالحاً لكن صاحب الشعار يعمل بعمل مغاير لشعاره كالخوارج الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم (يدعون الى كتاب الله وليسوا من اهله)
وقال ايضا (يحسنون القول ويسيؤن الفعل)
4- يكون الواقع فاسداً والشعار صالحاً لكن تحقيقه يسبب فساداً اكبر من فساد الواقع. او مثله. كمن يطالب بتغيير الحاكم الظالم من خلال الثورات وسفك دماء الآلاف من المسلمين
5- يكون الواقع فاسداً والشعار صالحاً لكن صاحب الشعار ليس لديه القدرة على تحقيقه كالذي يرفع شعار تحرير اراضي المسلمين المحتلة من غير ان يعد العدة ويرهب العدو
وغيرها كثير من الشعارات الزائفة التي ما زادت الامة إلا وهناً وضعفاً وإنكساراً
فيجب على المسلم الحذر من هكذا شعارات حفظاً لدنياه ودينه