القصيدة فيها ثلاث عيوب.
1- اختلاف الروي :
قال الشاعر :
للجار ظل وعز منهو زبنا
وأفعالنا ما ينكره نزه الأنساب
الحرف الذي بنيت عليه القصيدة : هو حرف الراء .
في صدر هذا البيت اختلف الروي , فإن قافية القصيدة في الصدر : الراء .
والقافية هنا : الباء !!
والسبب أن كثير من لا علم له بعلم العروض , يظن أن قافية (الصدر) – في هذه القصيدة - هي (الضمير : نا ) !!
وما أتى به الشاعر أشد شناعة من الإكفاء , لأن الإكفاء :" هو اختلاف الروي بحروف ذات مخرج واحد أو متقاربة المخرج في قصيدة واحدة ، وهو مأخوذ من قولهم : ( فلان كفء فلان ، أي مماثل له ؛ لأن أحد الطرفين مماثل للآخر ، أي مقارب له في المخرج ، مثل قول الراجز :
إِذَا نزلتُ فاجعلانيْ وَسَطَا
إنيَ شيخٌ لا أطيقُ العُنَّدَا
البيت الأول رويه الطاء ، والثاني الدال ، وهما من مخرج واحد ، وهو طرف اللسان وأصول الثنايا .
أما الإِجارَة – بالراء غير معجمة - : وهو اختلاف الروي بحروف متباعدة المخارج في قصيدة واحدة ، وسمي بذلك لتجاوزه الحدود المرسومة وتعديها ، مثل :
خليليَّ سِيرا واتركا الرحلَ إنني
بِمَهْلَكَةٍ والعاقباتُ تَدُوْرُ
فبيناه يشري رحلَهُ قال قائلٌ
لِمَنْ جملٌ رِخْوُ الملاطِ نَجِيْبُ ؟
البيت الأول رويه الراء ، والثاني الباء ، والحرفان مختلفان ومتباعدان في المخرج" . (انظر تاج العروس من جواهر القاموس , الزبيدي 1 / 393 و الحور العين , نشوان الحميري ص 26 , القوافي للتنوخي ص 15 , ودروس مختصرة في علم العروض , البشير عصام المراكشي أعدت لملتقى أهل الحديث )
وهذا ما وقع به الشاعر وتأمل الفرق: سطرنا , حضرنا , شهرنا , جبرنا , دحرنا , ثم قال : زبنا ؟
فأين حرف الراء من حرف الباء ؟
2- (الكسر )
قال الشاعر :
حنا أبطال بالمراجل تجرنا
وتاريخنا عن قمه المجد ماله حساب
قال ناصر الناصر : عجز هذا البيت مكسور , يتبن كسره لكل من لديه أدنى معرفة بالشعر .
3- الإيطاء: هو إعادة كلمة الروي بلفظها ومعناها، نحو قول النابغة الذبياني:
أواضع البيت في خرساء مظلمة /// تقيد العير لا يسري بها الساري
لا يخفض الرزق في أرض ألم بها /// ولا يضل على مصباحه الساري
وقد أجازوا إعادة اللفظة ذاتها بمعناها بعد سبعة أبيات.
أما إذا اختلف المعنى فيجوز - خلافا للخليل - وقد أكثر منه المتأخرون مراعاة للجناس، نحو قول بعضهم في أقلامٍ بعثها إلى أخ له (تجد القصة في شرح الشريشي على مقامات الحريري 1/58):
خُذها إليك أبا بـكر العـلا قصبا /// كأنما صـاغها الصـواغ من ورقه
يزهى بها القرطاس حسنا ما نثرت به ////مسك المداد على الكافور من ورقه
لفظة (ورق) في البيت الأول بمعنى الفضة، وفي الثاني ما يكتب عليه.( دروس مختصرة في علم العروض ص 28) .
والشاعر أعاد اللفظة في قصيدته مباشرة , قال الشاعر :
حنا أبطال بالمراجل تجرنا
وتاريخنا عن قمه المجد ماله حساب
وبعده مباشرة :
وحنا لفعل أيماننا ما حصرنا
مهما نعد أمجادنا ماله حساب
فأعاد كلمة الروي (حساب ) في البيت الثاني !!
متى نقرأ مشاركات الآخرين ونحاكمها إلى أسس العلوم في كل فن تنتمي إليه .
أو نقرأ الشعر بذائقة المتذوق له , بعيدا عن (شكرن ) السمجة .
والنقد لا يلغي مواطن القوة والإبداع في أي قصيدة , أو في العمل الأدبي عموماً .
مللنا من (شكرن دمت بود)
ثم لماذا نخشى من النقد ؟
هل وصلنا إلى الكمال ؟
أليس النقد يقوم مسيرتنا ؟
لكن من أين لنا بعقلية عمر رضي الله عنه : رحم الله امرئ أهدى إلي عيوبي .
والقصيدة دون المتوسط , وفيها من ركاكة الألفاظ – لمراعاة القافية -والحشو الشيء الكثير مثل :
جميلات , تزاوير , الأهضاب ...