الفرق بين كلمة زوج و امرأة في القرآن الكريم
الفرق بين كلمة زوج وامرأة في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكثير من لم يتعرفوا على البلاغة في القران
وهذه لمحة بسيطة للفرق بين كلمة زوج وامرأة
والدقة في التعبيروالبيان
نحن نعلم أن لفظ الزوج يُطلق على كل من الرجل والمرأة . والزوج في اللغة يدلّ على مقارنة شيء لشيء
من ذلك : الزوج" زوج "المرأة ، والمرأة" زوج " لبعلها .
جاء في لسان العرب : يُقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة" زوج "،
ولكل قرينين فيها وفي غيره"ا زوج " كالخفّ وما إلى ذلك ، ولكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضاداً " زوج "..
وكلمة ( زوجة لغة رديئة ) ، وجمعها" زوجات " وجمع الزوج" أزواج ".
معنى " الزوج " إذن يقوم على الاقتران القائم على التماثل والتشابه والتكامل .
فحتى يتمّ الاقتران لا بدّ من وجود صفات بين الطرفين تحقّق التماثل والتشابه عند اجتماعهما
وتكاملهما واقترانهما ، وهذا المعنى متحقّق في الزوجين الذكر والأنثى .
فالله تعالى خلق الذكر ميّالاً إلى الأنثى ، طالباً لها ، راغباً فيها .. وخلق الأنثى ميّالة للذكر ، راغبة فيه ..
والإسلام نظّم العلاقة بينهما ، بأن جعلها عن طريق واحد مباح ، هو الزواج الشرعي .
ولكن ! لماذا يُطلق على الرجل" زوج " للمرأة ؟ ويُطلق على المرأة " زوج "للرجل ؟
الجواب : لأن الرجل يكمل المرأة
وكذلك المرأة تكمل الرجل ..
ففي المرأة " نقص " لا يسدّه إلا" الرجل "، حيث يلبّي لها حاجاتها النفسية والاجتماعية والإنسانية والجنسية ..
كذلك في الرجل " نقص " تكمله" المرأة "، حيث تلبّي له حاجاته النفسية والاجتماعية والإنسانية والجنسية ..
إذن" المرأة "بدون" زوج "فيها نقص ، فيأتي الرجل" زوجاً " لها مكمّلاً لإنسانيتها
و"الرجل "بدون" زوج "فيه نقص ، فتأتي" المرأة " " زوجاً " له ، مكمّلة لإنسانيته .
ولهذا كل منهما " زوج" لصاحبه ، يقترن معه و" يزاوجه ".
متى تكون" المرأة " " زوجاً " ومتى لا تكون؟
عند استقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين ، نلاحظ أن لفظ " زوج" يُطلق على " المرأة "
إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها ، وكان التوافق والاقتران والانسجام تامّاً بينهما ، بدون اختلاف ديني أوجنسي ..
فإن لم يكن التوافق والانسجام كاملاً ، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما ، فإن القرآن يطلق عليها " امرأة "
وليست "زوجاً"، كأن يكون اختلاف ديني عقائدي أوجنسي بينهما ..
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ" أَزْوَاجًا "لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "
وقوله تعالى : "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَامِنْ" أَزْوَاجِنَا "و َذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" .
ولهذا الاعتبار جعل القرآن حواء" زوجاً "لآدم ، في قوله تعالى : "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ" وَزَوْجُكَ "الْجَنَّةَ "
وجعل نساء النبي صلى الله عليه وسلم" أزواجاً"له في قوله تعالى : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَ " أَزْوَاجُهُ " أُمَّهَاتُهُمْ" .
فإذا لم يتحقّق الانسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمّي الأنثى" امرأة"وليست "زوجاً"
قال القرآن :" امرأة نوح " و" امرأة لوط "، ولم يقل:" زوج نوح "و" زوج لوط "
وهذا في قوله تعالى : " ضَرَبَ اللهُ مَثَلا ً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا" اِمْرَأَة "َنُوحٍ وَ
" اِمْرَأَةَ " لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا"
إنهما كافرتان ، مع أن كل واحدة منهما" امرأة "نبي ، ولكن كفرها لم يحقّق الانسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي .
ولهذا ليست"زوجاً" له ، وإنما هي" امرأة " تحته .
ولهذا قال القرآن : " امرأة " فرعون
في قوله تعالى : " وَضَرَبَ الله مَثَلا ً لِّلَّذِينَ آمَنُوا" اِمْرَأَةَ " فِرْعَوْنَ " لأن بينها وبين فرعون مانع من الزوجية
فهي مؤمنة وهوكافر ، ولذلك لم يتحقّق الانسجام بينهما ، فهي"امرأته"وليست "زوجه"
ومن روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين"زوج"و"امرأة"ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا
عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، أن يرزقه ولداً يرثه ، فقد كانت" امرأته "عاقر لا تنجب ،
وطمع في آية من الله تعالى ، فاستجاب الله له ، وجعل " امرأته "قادرة على الحمل والولادة .
عندما كانت " امرأته " عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة" امرأة " ، قال تعالى على لسان زكريا :
وَكَانَتِ " امْرَأَتِي " عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا " وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه ، وأنه سيرزقه بغلام ،
أعاد الكلام عن عقم" امرأته " فكيف تلد وهي عاقر، قال تعالى : "قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ " وَامْرَأَتِي "عَاقِرٌ
قَالَ كَذَلِكَ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاء" .
وحكمة إطلاق كلمة" امرأة "على " امرأة " زكرياعليه السلام أن الزوجية بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها
رغم أنه نبي ، ورغم أن "امرأته" كانت مؤمنة ، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية والإيمانية .
ولكن عدم التوافق والانسجام التامّ بينهما ، كان في عدم إنجاب " امرأته " ، والهدف" التناسلي "من الزواج هو النسل والذرية
فإذا وُجد مانع بيولوجي عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب ، فإن الزوجية لم تتحقّق بصورة تامّة .
ولأن " امرأة " زكريا عليه السلام عاقر ، فإن الزوجية بينهما لم تتمّ بصورة متكاملة ، ولذلك أطلق عليها القرآن كلمة " امرأة "
وبعدما زال المانع من الحمل ، وأصلحها الله تعالى ، وولدت لزكريا ابنه يحيى ، فإن القرآن لم يطلق عليها كلمة " امرأة "
وإنما أطلق عليها كلمة "زوج" لأن الزوجية تحقّقت بينهما على أتمّ صورة . قال تعالى : " و َزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ " زَوْجَهُ "
والخلاصة أن " امرأة " زكريا عليه السلام قبل ولادتها يحيى تدعى " امرأته " في القرآن الكريم
وبعد ولادتها يحيى عليه السلام أصبحت " زوْجَهُ " وليست مجرّد "امرأته " .
وبهذا عرفنا الفرق الدقيق بين كلمة " زوج " و كلمة " امرأة " في التعبير القرآني العظيم ، وأنهما ليستا مترادفتين .