التهور والاندفاع في حياتنا إلى أين يتجه ؟
التأني والحلم والرفق والوقار ومجاهدة النفس دليل رجاحة العقل واتزان
النفس وعلى العكس والنقيض فإن التهور والاندفاع والطيش والهـــــوي
والسفه والعجلة دليل خفة العقل وجهالة النفس، وقد يظهر ذلك في سرعة
الغضب من يسير الأمور، والمبادرة بالطيش، والإيقاع بالمؤذي، والسرف
في العقوبة، وإظهار الجزع من أدني ضرر، والسب الفاحش، أو استعمال
العبد قواه فيما لا ينبغي وكما لا ينبغي
والتهور خلق مستقبح من كل أحد
إلا أنه من الملوك والرؤساء أقبح
وعلى هذا فإذا ترتب على الطيش محرم كان محرماً وإذا ترتب عليه مكروه
كان مكروهاً، وهو على كل حال مستقبح
وفي كل وقت مسترذل، فكم من اندفاعة في غير موضعها أورثت حزناً طويلا
وكم من قول أو فعل متهور طائش أهلك صاحبه وحرمه النجاة وألقي به في
عداد الظلمة الفسقة.
ومن ذلك إساءة الظن بالمسلمين وعدم التثبت في نقل الأخبار
وإشاعة الاتهام في حق الأبرياء دون بينة أوضح من شمس النهار، قال تعالي:
(إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ
هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور:15).
وفي صحيح مسلم " أن المسيح عليه السلام – رأى رجلاً يسرق فقال:
سرقت، فقال الرجل:
والله ما سرقت، فقال المسيح: آمنت بالله وكذبت عيني".
ومن ذلك التهور في تكفير المسلمين الذين ورثوا الإسلام و جهلوا معانيه بزعم
التحاكم للطاغوت وغير ذلك من شبهات غلاة التكفير، ومن المعلوم أن الإنسان
متي خرج من الملة لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يورث و يفسخ
عقده مع امرأته ويفقد ولايته على أولاده .... إلى غير ذلك من الأمور التي تدعو
إلى التثبت والسعي في درء الشبهات وإقامة الحجة الرسالية التي يكفر مخالفها
على يد عالم أو ذي سلطان مطاع.
من صور التهور
ومن ذلك التهور في إيقاع الطلاق مع الاستثارة أو وقت الانفعال والغضب
ثم الندم بعد فوات الأوان وتخريب البيوت وتشريد الأولاد..
ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون مراعاة الضوابط الشرعية
فتجد من ينصب نفسه قاضياً وجلاداً ومجنياً عليه في نفس الوقت ومن يتصرف
كأنه دولة داخل دولة
فيقيم الحدود الشرعية بلا ضابط ولا رابط مع كثرة الشبهات وواقع الغربة وانجرار
المفاسد الكبيرة من وراء ذلك.
والثالث قد يكسر عضوا أو يقبح أو يضرب الوجه بزعم أن الزوجة أو الولد ارتكب
كذا أو صنع كذا وكأن الغاية تبرر الوسيلة، والرابع قد يهدم قبراً مشرفاً ويعاد بناؤه
في نفس اليوم وينسب من فعل ذلك لانتهاك حرمة الموتى، ويتعدى الأذى إلى الأبرياء
من الأهل والإخوان والأصدقاء، وقد تستثمر
هذه السلوكيات في التنفير من الدعوة وفي الصد عن سبيل الله، وبالجملة فصور التهور
والاندفاع كثيرة ومن شانها أن تستجلب المضرة والمفسدة وتفوت المصلحة
وفي الحديث:
"إن الله عز وجل ليعطي على الرفق، ما لا يعطي على الخرق، وإذا
أحب الله عبداً أعطاه الرفق، وما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا".
(رواه الطبراني).
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"التأني من الله والعجلة من الشيطان، وما أحد اكثر معاذير من الله".
( رواه البيهقي، و حسنه الألباني)
وورد في الحديث:
"يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان (صغار) سفهاء الأحلام (ضعفاء العقول)
يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية
لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم يوم
القيامة". (رواه البخاري).
وقد ظهر الخوارج بهذه الصفات وقاتلهم علي رضي الله عنه.
ولا ندري من هم خوارج اليوم ؟؟؟؟
؟؟
؟؟
........... يتبع .....